“المجتمع المدني والأحزاب السياسية: أية علاقة اليوم؟”
هو موضوع الندوة التي تنظمها الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقرطية، يوم السبت 3 ديسمبر 2022، بداية من الساعة التاسعة صباحا بنزل <ماريوت> بالمركز العمراني الشمالي بتونس العاصمة.
وترحب الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية بكل ضيوفها الكرام، الراغبين في الحضور للحوار ومناقشة هذه المسألة الحيوية.
*الورقة التقديمية:
يجد المجتمع المدني في تونس اليوم نفسه أمام امتحان حقيقي بالنظر إلى التطورات التي عرفتها البلاد خلال السنة والنصف الماضية. فقد تسارعت الأحداث منذ انحراف قيس سعيّد بالسلطة واستفراده بكل السلط والزجّ بالبلد بصفة منفردة وآحادية في مسار إعادة تأسيس للاجتماع السياسي تحت عنوان “تصحيح مسار الثورة والتاريخ”.
أدخل مسار 25 جويلية البلد في دوّامة تسارعت معها الأحداث لتتجاوز في كثير من الأحيان قدرة الفاعلين في المجال السياسي والمجتمع المدني على الفهم والمساءلة والمقاومة.
كان مسار إعادة التأسيس الذي تحكّم الرئيس بأدقّ تفاصيله بداية من الأجندة مرورا بالتواريخ والمضامين، أشبه بعملية نسف لمكتسبات راكمت الحركة الديمقراطية والحقوقية سنوات لتحقيقها، وعلى رأسها استقلالية القضاء والفصل بين السلطات، بالإضافة لحرية التعبير وحريّة الضمير واستقلالية الهيئات الدستورية ومبادئ اللامركزية والتمييز الإيجابي.
يجد المجتمع المدني إذن نفسه اليوم أمام امتحان حقيقي محوره المحافظة على ما تبقّى من المكتسبات ومقاومة هذا المسار العبثي.
لحظة المقاومة هذه
تقتضي حتما وبالضرورة إعادة التفكير ليس فقط في أدوات العمل والتأثير، بل وخصوصا في ماهيّة العلاقة بين المجتمع المدني والمجال السياسي.
طيلة عقد من الانتقال الديمقراطي، لعب المجتمع المدني سواء من خلال الحركات الاحتجاجية أو المنظمات غير الحكومية أو النقابات والمنظمات الوطنية أو الجمعيات، دورا أساسيا في تحديد الخيارات الكبرى للاجتماع التونسي وفي الدفاع عن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحريات الفردية والمبادىء الأساسية لحقوق الإنسان.
لعب المجتمع المدني دور الضامن والمكافح والبوصلة. كان الضامن للحقوق والحريات والمكافح في سبيل تعزيزها وفي التصدي للتجاوزات والانتهاكات، وكان أيضا البوصلة المدافعة عن الحدّ الأدنى من التشاركية في تحديد الخيارات الأساسية للعيش المشترك وفق مباديء العدالة الاجتماعية والشفافية والتنمية المستدامة.
يجد المجتمع المدني نفسه اليوم أمام ضرورة مقاومة هذا المسار الاقصائي وفتح باب الاشتباك والمقاومة بعيدا عن الحسابات السياسية ورهان التنافس على السلطة.
يمثّل السياق الراهن تحديّا حقيقيا أمام الكثير من
الفاعلين داخل المجتمع المدني المدعوّين لإعادة النظر في علاقتهم بالمجال السياسي وبالفاعلين السياسيين، سواء كانوا أحزابا أو حركات أو تعبيرات سياسية غير منظمة.
تكمن خصوصيّة التحدّي أولاّ في بلورة موقف واضح في التعامل مع مسار مبهم وعبثي هو بصدد قضم المكتسبات والحريات، وثانيّا في الخروج من مقاربة تقنيةّ وحقوقية طالما اعتزلت السياسة واختزلتها في الصراع على السلطة، وأخيرا في تحديد ملامح علاقتها بمكونات المشهد السياسي المعارض لمسار 25 جويلية.
تهدف هذه الندوة إلى فتح النقاش حول دور المجتمع المدني في السياق الراهن الذي تعيشه البلاد، وإلى المساءلة حول علاقة مكونات هذا المجتمع بالفعل السياسي وبالفاعلين فيه، كضرورة اقتضتها هذه اللحظة.